التأثير السلبي البالغ الذي تركه انتشار جائحة كورونا لم يترك أي من قطاعات الاقتصاد المختلفة دون المساس به بما في ذلك قطاع العقارات، بالرغم من قوته وصموده واستقراره على مدار السنوات الماضية في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية والركود وانخفاض قيمة الجنية المصري، إلا أن فيروس كورونا الذي حاصر الجامع بأسرة بأقصى قوة له جاء بمثابة ضربة قوية لقطاع العقارات المصري أدت إلى تراجعه بشكل غير مسبوق.
برغم من تصريحات الخبراء الاقتصاديين المطمئنة على شاشات الفضائيات بشأن الأثر المتوقع لانتشار الجائحة على قطاع العقارات المصري، إلا أن التبعات الحالية والمتوقعة من انتشار فيروس كورونا لا تبدو مبشرة بالخير على الإطلاق سواء في الوقت الحالي أو السنوات القادمة، فقد انخفضت أسعار الوحدات بقيمة 50% مما أتى بوقع الانهيار على عدد من الكيانات المصرية والعالمية التي قدمت للسوق العقاري المصري العديد من وحدات الإسكان الفارهة والفوق متوسطة وحتى الاقتصادية.
تأثر عقارات التجمع الخامس بالأزمة
لم يسلم من هذا العصف الجائح أي من المدن العمرانية الجديدة على مستوى جمهورية مصر العربية، ولاسيما في مدينة القاهرة، وإذا أردنا أن نخص القول فسوف نتحدث عن أكثر المناطق تأثيرًا وهي مدينة القاهرة الجديدة والتجمع الخامس التي تعد من أرقى المناطق السكنية وأكثرهم جذبًا للمستثمرين والمشترين في البلاد.
يمكن مقارنة تداعيات الأزمة الراهنة إثر انتشار فيروس كورونا وعصفه بجميع القطاعات الاقتصادية خاصة قطاع العقارات بتداعيات الأزمة المالية
العالمية عام 2008، فحتى وقتنا الحالية تفيد بعض الإحصائيات الصادرة عن عقار ماب انخفاض أسعار الوحدات في التجمع الخامس بقيمة 7%، مثل مشروع Taj City يشمل هذا الأثر المدن الجديدة التي مازالت في مراحل التطوير والتسليم مثل Palm Hills New Cairo ، Mountain View Hyde Park، كما طال هذا الانخفاض الوحدات السكنية والتجارية بمدينة أكتوبر حيث سجل معدل الانخفاض في سعر المتر 5.5%، بينما وصل هذا الحد إلى 17% في مناطق أخرى مثل مدينة بدر.
آراء الخبراء الاقتصاديين
لم تقف عواقب تلك الأزمة العالمية على قطاع العقارات المصري عند هذا الحد فحسب، فمن المتوقع أن تحمل الشهور القادمة تداعيات أقوى تأثيرًا على سوق العقارات بوجه عام كما يرى أهم المحللين في السوق قد تهدد بإفلاس بعض المستثمرين الصغار، وإحداث خسائر حقيقية لكثير من المطورين العقاريين.
فيقول الخبراء الاقتصاديين أن اغلب الوحدات السكنية في مدينة القاهرة الجديدة والتجمع الخامس يتم بيعها عن طريق أنظمة السداد الممتدة لفترات طويلة بتحويل دفعات شهرية حتى اكتمال كامل المستحقات، إلا أن الركوض الهائل الذي مس بجميع مناحي النشاطات الاقتصادية وأثر ذلك على الرواتب أدى إلى تعثر المشترين تسديد الأقساط بشكل منتظم وبالتالي
خسارة المستثمرين.
ناهيك عن انهيار معدل المبيعات الجديدة بواقع 50% مما دفع العديد من المطورين تحديد تخفيضات تصل إلى 30% من القيمة الكلية للوحدة السكنية في حالة الشراء الفوري والدفع كاش، وعروض ترويجية أخرى جميعها يعتمد بشكل أساسي على خفض أسعار الوحدات في المقام الأول وإجراء بعض التعديلات على أنظمة السداد كأحد الحلول لمواكبة تداعيات الأزمة وخفض مقدار الخسارة المحتملة إلى اقل قدر ممكن، كما اتى هذا النهج لكي يكون جاذب للمشترين استثمار مدخراتهم في شراء الوحدات بهدف إدرار السيولة على المستثمرين.
فإذا ما نظرنا إلى تعثر المشتريين في تسديد الأقساط الشهرية وأثره على أرباح المطورين العقاريين، إضافة إلى عامل التسهيلات في السداد وخفض أسعار الوحدات المقدم من اغلب الشركات العقارية للحث والتحفيز على الشراء، في ظل التزام الشركات إنهاء الوحدات وتسليمها في المواعيد المحددة، نجد أن أثر أزمة انتشار الوباء يهدد عدد من المشروعات الهامة في القاهرة الجديدة والتجمع الخامس بالتوقف حتى تنتهي الأزمة ويشهد السوق العقارية انتعاشة جديدة.
بخلاف خفض القيمة السعرية للوحدات، قامت بعض الشركات العقارية في محاولة لإنقاذ الموقف بتمديد الفترة الزمنية المخصصة للسداد في أنماط السداد المباشر مع الشركات إلى 15 عام بحد أقصى، كما أتبع المطورين والشركات العقارية الصغيرة نفس النهج لتشجيع العملاء على الشراء في ظل احتياجهم إلى السيولة المالية، فقد زادت فترة السداد إلى 7 أعوام، في حين كانت تقتصر في الماضي على 4 سنوات كحد أقصى.
يذكر أن سوق العقارات المصرية لم يتعافى بعد من الركود الذي حل به إثر ارتفاع تكاليف المعيشة وتعويم الجنيه المصري، الذي دفع بكثير من أصحاب المدخرات اللجوء إلى فكرة الاستثمار العقاري للحفاظ على قيمة أموالهم من التهاوي المحتم جراء تعويم الجنيه المصري وانخفاض قيمته أمام العملات الأجنبية.
[ad_1]